العرض في الرئيسةفضاء حر
السيسي أحكم قبضته الحديدية على المؤسستين العسكرية والأمنية
يمنات
عبد الباري عطوان
نَشر الأديب المِصري علاء الأسواني تغريدةً على حِسابه في “التويتر” صباح اليوم الخميس تُلخّص، في رأينا، الوَضع الراهن في مِصر بعد اعتقال الفريق سامي عنان الذي تَجرّأ على النُّزول إلى حلبةِ المُنافسة في الانتخابات الرئاسيّة، وانسحاب ثلاثة مُرشّحين قَبله كان آخرهم المُحامي خالد علي.
تقول “التغريدة”: “إعلان: مَطلوب مُرشّح رِئاسي فَوق الأربعين ليَخسر الانتخابات أمام الرئيس (عبد الفتاح) السيسي، كومبارس ناطِق، لا تُشترط الخِبرة، تغطية إعلاميّة وامتيازات ومُكافأة ماليّة مُغرية، سيَحصل على نِصف إلى واحِد في المِئة من أصوات النَّاخبين، المُقابلة يَوميًّا السَّاعة 10 صباحًا في مَبنى المُخابرات، الوسطاء يَمتنعون”، ألا تُذَكِّر هذهِ التّغريدة بالرئيس المُؤقّت عدلي منصور بطَريقةٍ أو بأُخرى؟
ثورة 25 يناير المِصريّة السلميّة التي نَحتفل بِذكراها السنويّة السّابِعة اليوم، أطاحت بأحد أكثر الأنظمة ديكتاتوريّة وفسادًا في المِنطقة العَربيّة، وأنجبت أوّل، وربّما آخر، انتخابات ديمقراطيّة حُرّة وشَفّافة في تاريخ مِصر، وأظهرتْ المُؤسّسة العَسكريّة التي أشرفَت عليها واعتمدت نتائِجها، وسَلّمت السُّلطة لأوّل رئيس مَدني وبَرلمان مُنتخبين، كضامنٍ حقيقيّ لأمن البِلاد واستقرارِها، وبوليصة تأمين للحِفاظ على المُعطيات الديمقراطيّة الجديدة لثَورتِها، ولا نَعرِف لماذا تَغيّرت هذهِ المُؤسّسة وتَغيّر دورها هذهِ الأيّام.
***
بعد سَبع سنوات على هذه الثورة تبدو الصورة غير ورديّة على الإطلاق دِيمقراطيًّا، فقَبل شَهرين من مَوعِد الانتخابات الرئاسيّة، ما زالت مِصر تَبحث عن مُرشّح قويّ، وليس كومبارس، ليَخوضها أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويَكون نِدًّا له، ونَجزم بأنّ هذا البَحث سَيطول، وإن وجدته فلنْ يَتم السَّماح له بالترشّح، وإن ترشّح فلن يَفوز حتى لو صَوّت له الشَّعب المِصري كُلّه.
المادّة الخامِسة من الدستور المِصري تُحدّد بأنّ مَصدر الشرعيّة هو قِيام نِظام سياسي على أساس التعدديّة السياسيّة والحزبيّة، والتّداول السلمي للسّلطة، ولا يُوجد على الأرض أي تطبيق حقيقي لهذهِ المادّة، فالمُعارضة الحقيقيّة مُغيّبة كُليًّا، والمَوجود مِنها داخِل مِصر مَكانه المُعتقلات، ومَن نَجا بنفسه يعيش في المَنافي، والبَرلمان “المُنتخَب” هو صَوت الحاكِم وليس مُمثَّلاً للمَحكومين.
الانتخابات الرئاسيّة ستُعقد في مَوعِدها حتمًا، وستكون حُرّة ونَزيهة، ولكن حسب المُواصفات التي يُريدها الرئيس السيسي الذي دعا المصريين إلى الذهاب إلى مراكِز الاقتراع والتصويت لمن يَختاروا من المُرشّحين، ولكن لا يَوجد مُرشّح واحِد غيره حتى كِتابة هذهِ السُّطور، فكُل من خاطَر بالترشّح إمّا واجَه الاعتقال مِثل الفريق عنان، أو الإقامة الجبريّة مِثل الفريق الآخر أحمد شفيق، أو آثر النّجاة بجِلده والانسحاب فَورًا مِثل خالد علي، ومحمد أنور السادات.
الانتخابات الرئاسيّة المُقبلة، وعلى ضُوء المُعطيات المُتوفّرة حاليًّا ستُؤكّد على ثلاثِ حقائِق:
-
الأولى: أن الرئيس السيسي سيُصبِح رئيسًا لولاية ثانية، وربّما ثالِثة وخامِسة.
-
الثانية: أنّها لن تكون شفّافة وحُرّة، بالمَقاييس المَعروفة.
-
الثالثة: أن نِسبة الإقبال على التّصويت سَتكون مُتدنّية بسبب الفُتور الشَّعبي.